Wikileaks El Asli -- أيها اليساريون...حطكن ع حكي

    أيها اليساريون...حطكن ع حكي

عادت إلى الأذهان مؤخراً مصطلحات سياسية كانت نائمة في ظل معسكري 8 و 14 آذار. مصطلحات تذكرنا بالحرب الأهلية مثل الانعزالية، والتقدمية، واليمين، واليسار. ولكني سأتوقف هنا عند القوى اليسارية، التي أنتمي إليها فكرياً دون انتمائي المباشر لأي حزب سياسي.

لقد ظهرت مؤخراً أفكاراً سطحية وسخيفة باتت تعتبر المقياس لاعتبار الشخص يسارياً، مثل الموسيقى التي يسمعها أو الأماكن التي يرتادها. هناك من يعتبر نفسه يسارياً لأن والده قاتل اسرائيل من 30 سنة، أو لأنو بحب ة-مربوطة، أو بحب يسمع لزياد، أو بحط كوفية لأنها سلبة، أو جوز خالتو بيشبه مارسيل خليفة. والبعض أصبح يعتقد نفسه يسارياً لأن زعيمه الجنبلاطي خبط كاس مبارح وطلع معو إنو اليسار أحسن هالفترة. لقد سئمت شخصياً من هذه الأفكار المبعثرة عن التصنيف اليساري ولكن هذا ليس موضوعنا الآن.

موضوعي الأساسي هو اليسار والشعارات. فقد عُرفت دوماً القوى الشيوعية والعروبية واليسارية في مختلف البلدان أنها قوى الأفعال لا الأقوال. بدءاً بكاسترو مروراً بعبد الناصر وصولاً إلى غاندي ولنين وماو تسي تونغ، أشخاصاً غيروا التاريخ بفعلهم لا بقولهم...بدمائهم لا بشعاراتهم. أما إذا عدنا إلى لبنان، نجدها تتميز بشعارات جميلة رنانة مزركشة ملونة. إذ تبدو لي هذه القوى أكثر من عاجزة للقيام بأية خطوة لتجعل اليسار اللبناني شبيه باليسار الثوري حول العالم.

لفتني يوم ارتكبت اسرائيل مجزرة أسطول الحرية، أنه أقيمت مظاهرة واعتصام مفتوح أمام مبنى الأسكوا في وسط بيروت. لا أريد التمادي إلى حد معارضة هذا التظاهر، إلّا أنني أطرح بعض الأسئلة هنا:
1) إذا كانت اسرائيل لا تأبه بدول العالم كلها، ولا بالقوانين الدولية، ولا بشرعة حقوق الإنسان، ولا بمعاهدة جنيف، ولا بقرارات الأمم المتحدة، هل ستأبه ببعض اللبنانيين الذين أبدوا استيأهم وانزعاجهم؟
2) إذا أردت حقاً أن تتظاهر، ألا تجد أن الأمم المتحدة هي آخر من يجب مطالبته لحمايتنا من اسرائيل؟ الأمم المتحدة أعجز من أن تحمي نفسها من صراخ أطفال قانا الجليل الذين حرقوا بين يديها. بل هي أعجز من أن تطبق قراراتها التي اتخذتها بنفسها منذ أكثر من 30 عاماً. هي الأخرى حطا ع حكي.

إذا كنت تعتقد أن المطالبة ستأتيك يوماً بحقك، فعار عليك إن لم تتعلم. لا أظن أن كاسترو وغيفارا اعتصما وأضاءا الشموع لتحصل كوبا على حريتها. ولم يقم عبد الناصر بالتنديد بالنظام يوم قرر انتزاع كرامة مصر من الأسر. ولا أعتقد أن اسرائيل انسحبت من لبنان رغماً عن أنفها بسبب الخطابات الشاجبة التي اتحفتنا بها حديقة حيوانات الزعماء. إعلم يا من اتخذت منطق المسكنة في لعبة الكبار، أنك تعيش في عالم لا يفهم إلا بالقوة، ولا يستيقظ ضميره إلا بالقوة، ولا ينطق كلمة من فمه إلا بالقوة.

وتبقى التحية، كل التحية، إلى الأستاذ رؤوف في مسرحية نزل السرور الذي اعتبرته رمزاً للجبن، لاكتشف لاحقاً أنه أول صورة استحضرها في ذهني عند التكلم مع يساري من هذا الزمن.

ملاحظة:
• الرجاء اعتبار هذه النشرة اشعاراً خاصاً، فهي ليست موجهة إلى أحد الأشخاص بالذات
• تندرج هذه المقالة تحت كل ما ذكرته أعلاه، لأنو أنا كمان حطني ع حكي

كتابة: شادي ذبيان