Wikileaks El Asli -- إذا لم تستح فبرّر ما شئت

   إذا لم تستح فبرّر ما شئت



قضيتنا مع النظام السوري كالقط والفأر. كلّما سألنا "لماذا"، أجابونا "لأنه". كلّما قلنا أن جميع الثورات العربية محقّة، عقدوا حواجبهم على جبينهم واتهمونا بالعمالة. لطالما قلنا أنه لا يمكن لأي نظامٍ في العالم أن يبقى في الحكم إلّا على حساب حرية شعبه. فكيف حال نظامٍ قابعٍ في الحكم منذ أكثر من أربعين عاماً؟ ‏

كلّما أعطيتهم سبباً لإجرام هذا النظام، أعطوني مبرراً له. في هذا العالم، يمكنك تبرير أي شيءٍ...أي شيءٍ مهما كان. فقط انفخ في صدر شعبك حقداً وخوفاً من الآخر، ثم كرر له نفس الفكرة عدة مرات، وسيبررون لك مهما فعلت. ‏

عندما قلنا أن دخول الجيش السوري إلى لبنان عام ١٩٧٦ هو بداية احتلالٍ وانتهاكٍ لسيادة لبنان، اتهمونا بالعمالة ومعاداة العروبة. ‏

عندما قلنا أن مجزرة حماة عام ١٩٨٢ لا يمكن أن توصف بأقل من مجزرة بحق الإنسانية، قالوا أنها مؤامرة لتقسيم الوطن. ‏

عندما قلنا أن النظام السوري باع الجولان مقابل بقائه في الحكم، ولن يطلق يوماً رصاصة واحدة على اسرائيل في الجولان، قالوا لكنه يدعم المقاومة في لبنان. ‏

عندما قلنا أن النظام البعثي كان يشعل المعارك في لبنان في الثمانييات ويسلّح الأطراف المتقاتلة، قالوا عنّا أصحاب نظرياتٍ وفذلكات. ‏

عندما قلنا أنه على الجيش السوري إعادة تموضعه في لبنان في التسعينيات، اتهمونا أننا نتكلّم بإسم إسرائيل. ‏

عندما قلنا أن النظام السوري سيبيعنا بثمن الشعير ليذهب إلى مفاوضاتٍ مع اسرائيل من دون لبنان، اتهمونا بنكران جميل الجيش السوري في الحفاظ على السلم الأهلي. ‏

وعندما جلس هذا النظام على نفس الطاولة مع الإسرائيلي عام ١٩٩٤ ليتفاوض معه، قالوا: لما لا؟ هذه الجهود ستدفع عملية السلام قدماً. ‏

واليوم نقول أن الشعب السوري انتفض على جزمة المخابرات والأقبية السوداء والزنازين المظلمة، وقرر أن ينتزع حريته بيده من بين الأشواك. قالوا هذه مؤامرة على سوريا. ‏

المؤامرة على الشعب السوري هي ترك الجولان نصف قرنٍ تحت الإحتلال دون أية مقاومة، وكأنه أرضٌ على كوكبٍ آخر. ‏

المؤامرة على الشعب السوري هي سحق حريته من قبل أصغر عنصر في المخابرات على مدى عقود. ‏

المؤامرة على الشعب السوري هي اغتيال الناشطين، وملاحقة الكتّاب والمعارضين، واعتقال آلاف الشبان والشابات. ‏

المؤامرة على الشعب السوري هي قصف أطفاله بالطائرات الحربية، وقتل شيوخه بقذائف مدافعٍ لم تستخدم يوماً ضد اسرائيل. كلّما قلنا هذه مذابح لن يسامحكم عليها أطفال بلادي، قالوا لا بد من سقوط بعض الضحايا. ‏

كلّما قلنا، قالوا. ‏

إذا لم تستح...فبرّر ما شئت ‏


كتابة: شادي ذبيان
آب 2012