Wikileaks El Asli -- غداً حين يموت سامر

   غداً حين يموت سامر



‏ أكتب اليوم والخجل يملؤني وأنا أعد أيام سامر العيساوي ال-٢٥٦ من الإضراب المتواصل عن الطعام من أجل الحرية. أكتب اليوم وإبن ال-٣٤ ربيعاً يأبى رغم كل شيءٍ أن يوقف إضرابه الذي بدأه في الأول من آب عام ٢٠١٢. أكتب اليوم وسامر يتألم...أكتب اليوم وسامر يحتضر. ‏

‏ غداً حين يموت سامر، سنحزن. ‏
‏ غداً حين يموت سامر، سنصدر بيان شجبٍ نلحقه ببيان تنديدٍ وإدانةٍ وإستنكار. ‏
‏ غداً حين يموت سامر، سنغرق في أقبيتنا النتنة بحثاً عن صناديقٍ بالية. نخرج من الصندوق الأول ضميراً تطفح منه رائحة الجيف. ونخرج من الصندوق الثاني قماشاً أسوداً نتشح به لتنزل على خدودنا دموعاً كاذبة نرضي بها القليل من غرورنا. ونخرج من الصندوق الثالث إسم شارعٍ في إحدى الأزقة نهديه لسامر. ونخرج من الصندوق الرابع إلهاً لنوجه إلى صدره أصابع الإتهام، ونشتمه بأنه دون رحمة. ‏
‏ غداً حين يموت سامر، سنشعل الشموع ونكتب أشعاراً. حتى أن البعض قد يضرب عن الطعام يوماً أو إثنين...ولكن ليس الآن، ليس قبل أن يموت سامر. ‏

‏ نهرع كل ليلةٍ لنرى في الأخبار إن كان سامر قد مات كي نغضب. نجده حياً فيخيب أملنا، ونزيد يوماً آخراً على أيامه المتراكمة. ‏

‏ مت يا سامر، فأنت لا تستحق أن تعيش مع أنذالٍ مثلنا. في معركة الأمعاء الخاوية فقط، تتغير المقولة ليصبح الموت انتصاراً للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء. ‏
‏ مت يا زهرةً دفنت نفسها في أرض المقدس كي لا تلتحف جليد المعتقلات مجدداً. ‏
‏ مت كي نتاجر بدمك قليلاً، فقد مللنا من المتاجرة بدماء الأحياء. ‏
‏ مت كي نبكي عليك ثوانٍ قليلة، ثم نجعل ضريحك مزاراً للسائحين. ‏

‏ ولكن قبل أن تموت، إلتفت إلينا وابتسم بسخريةٍ وأنت تقول: "أخرج اليوم من زنزانةٍ تائهةٍ بين الأزمان إلى حريةٍ صنعتها بألمٍ لا تحتمله الجبال، وأنتم ما زلتم سجناء عقولكم المريضة وضمائركم الميتة وشهواتكم الضالة". ‏

‏ مت يا زعتر القدس ويا هواء الجليل. ‏
‏ مت يا فجراً يداعب أطفالاً من الضفة وغزة، ليطفو بهم في أرجاء الوطن. ‏
‏ مت يا عشق التراب ويا انهمار المطر...ليذبل من بعدك ريحان فلسطين. ‏


كتابة: شادي ذبيان
نيسان 2013