Wikileaks El Asli -- يوم أضعت وطني الصغير

    يوم أضعت وطني الصغير


(من مجموعة: مشاركات أصدقاء المدونة)

‏ كبرت في منزلٍ كنا نغطي ثقوب جدرانه ببعض الأعلام وشعارات الجيش. كنا ننتظر المغيب كي يعود والدي لابساً تلك البزة الزيتية. ثم مرت أيامٌ كثيرة غابت فيها الشمس ولم ترجع بزتنا العسكرية. كانت محجوزة مع والدي تحت قصف إحدى "جبهات المحبة" وكانت عودتك يا بابا هي فرحتي الكبرى. ‏

‏ كذلك كنا ننتظر الأعياد الوطنية كي يرجع والدي حاملاً الأعلام التي فضلت من زينة المراكز العسكرية، وكنا نحضّر الحفلات كي يفرح والدي بنا ونحن نحب الوطن، كنت أرتدي تلك البزة وكنا ننشد أغنية ريمي بندلي "يا جندي بلادي احملني عإيديك ال ما بتتعب". كان عيد الاستقلال يوماً ننتظره بفارغ الصبر، ولبساطتي كنت أظن أن كل الناس يفرحون لعيد استقلالهم كما كنا نفرح في منزلنا. ‏

‏ ثم كبرت وعرفت أن كل الأولاد لا ينتظرون هذا اليوم إلا لينعموا بعطلةٍ! ثم دخلت الجامعة وأنا أحمل في قلبي حبك يا وطني، هناك عرفت كم جنى عليّ والدي حين علمني حبك.. ‏

‏ ثم جاء الرابع عشر من آذار، جمعت حينها بعض الأوراق النقدية من أختي وأخي وأصدقائي ونزلت للساحة أهتف لسوريا أن تخرج، ثم نظرت حولي رأيت مركز تجمع القوات صار مناسبة لتذكير الشهيد ب "حكيمهم" ورأيت الأخت نائلة معوض تنادي زوجها في قبره والذين يسمون نفسهم "أحرار" يأسرون روح داني شمعون بفجورهم كما رأيت التياريين يتجمعون من كل حدب وصوب ينادون جنرالهم عله يسمع صوتهم في باريس. عرفت حينها أن لهم لبنانهم ولي لبناني، قررت حينها أن أصرخ في قلبي ضد الأعداء والأصدقاء وأحضن لبناني في قلبي ولا أريه إلا لأولادي حين أكبر. ثم كبرت وسافرت عنك يا وطني. كذلك عرفت هناك أن كل الأشعار والكتابات ليست إلا لبيع بعض النسخ من كتب رخيصة ليس لها في حب الوطن إلا الاسم. ‏

كتابة: سوزان جديد
أيلول 2012