Wikileaks El Asli -- عبثية هذا الوجود

   عبثية هذا الوجود



‏ تولد وتموت... وما بينهما ليس إلّا لعبة الأقدار الساذجة. وأنت لا تملك حتى أدنى خيارٍ عن متى تبدأ حياتك ومتى تنتهي. ما هو ذاك السبب البائس الذي جعلك تولد هنا بالذات؟ في هذا الزمن بالذات؟ وبهذا الإسم بالذات؟ وهذه الملامح بالذات؟ ما الذي جعلني أنا أنا؟ ‏

‏ ضجرت من أفكاري ومن أسئلتي التي لا تنتهي، فوجدت نفسي أجوب الشوارع غير مدركٍ أين أغدو، كزورقٍ تائهٍ وسط عاصفةٍ هوجاء في عرض البحر. أنظر في وجوه المارة. أتمعن علّي أجد جواباً واحداً لأريح به نفسي. لا آبه إذا ما كانت طريق الحقيقة طويلة ووعرة، طالما أن هناك حقاً طريق. أنظر فوقي وحولي بحثاً عن مخرجٍ من دهليز الضياع هذا، فلا أجد سوى أسوار تقودني إلى حلقاتٍ مفرغة. أصرخ بأعلى صوتي في وجه المارة، لكن لا أحد يسمعني، كأني شبحٌ لا يراه أحد. أهذا حلمٌ أم حقيقة؟! أياً كان، لقد سئمت نفسي. ‏

‏ أبحث عن إلهٍ مريضٍ لأتمرد عليه وأتهمه بالجنون والخرق، علّه يبرر كل هذا بضجرٍ أصابه يوم خلقنا... فلا أجد ذاك الإله. أبحث عن وطنٍ لأنتمي إليه، لأحتمي في ظلاله كيرقةٍ تحتمي يوم المطر تحت ورقة توت... فلا أجد ذاك الوطن. أبحث عن أناسٍ لا يبيعونني ولا ينكرونني إذا ما مشيت عكس معتقداتهم... فلا أجد أحداً. لم يبق لي إلّا نفسي الضائعة، إلّا نفسي التائهة الغارقة في بحور الكآبة. أهذا حلمٌ أم حقيقة؟! أياً كان، لقد سئمت نفسي. ‏

‏ ما زالت تلك الأسوار تزداد إرتفاعاً حولي، وما زلت أحدق بالمارة وأسأل نفسي: لماذا وُجدنا؟ ما أتفه الحياة حين تمضيها بلا سبب، بلا هدف، بلا حلم. أطرق أبواب بيوت لا أعرفها، فلا يجيب أحد. ‏

‏ غداً، سأتناول معولاً قديماً لأحفر به قبري، أستلقي على ترابه، وأطلق بين عينيّ رصاصة الرحمة. لم استجد جميلاً من أحدٍ طوال حياتي، ولن استجد هذا الجميل في مماتي أيضاً، لا من ملاك الموت ولا من حفار القبور. ‏


كتابة: شادي ذبيان
تشرين الثاني 2013