Wikileaks El Asli -- حانة وقوّاد...ودول قذرة

    حانة وقوّاد...ودول قذرة













سنوات خلت منذ أن حلمت ذاك الحلم الغريب. كنت يومها فتى، وكان عقلي يرتشف أحلاماً لم أفهم كثيرها. لكن لم يكن يزعجني شيئاً بقدر ذاك الحلم عندما أرى نفسي في حانة مليئة بالمشعوذين، وأناس فاجرة تقامر، وقهقهات وصل صداها إلى ما بعد يقظتي. ‏

ظننت أن هذا الحلم سيبقى في دنيا الخيال...حتى البارحة. ‏

كنت ليلة أمس أجوب في مدينة لا زلت لا أعرف إسمها، وكان صوت المطر وظلام الليل يوقظان في جسدي قشعريرة أبت أن ترقد كأرواح في بيت مرصود. كلما التفت خلفي لأرى مصدر الدعسات التي أسمعها، أجد الليل والضباب يطبقان أكثر من حولي. ‏

‏ "أتريد أن ترى حلمك وجهاً لوجه يا فتى؟"‏

التفت مذعوراً لأرى من ذاك الذي يحدثني، فإذ بي أجد ساحراً طويل القامة يرتدي ثياباً سوداء وابتسامة مخادعة على شفتيه. اصطحبني معه إلى حانة في زقاق مظلم دون أن ينتظر جواباً لسؤاله. فهو كان يعلم الجواب. نزلنا بضع خطوات على درج داخل الحانة مودياً بنا إلى القبو...وعندها فقط رأيت في يقظتي ما كنت أخشاه في حلمي. ‏

كانت الغرفة مليئة بكثير من البلاد. بلادٌ تضحك وتفوح منها رائحة الغدر، وبلادٌ جالسة على الأرض تجمع أشلاءها، وأخرى ثملة تزني في العلن دون حياء. وكان يجلس في وسط الغرفة على طاولة القمار بلاداً سمينة تقامر بخيرات غيرها، وتضحك بفجور، وتفرض ظلمها وسيطرتها على بلادٍ مذلولة. وكانت بلادٌ أخرى مرتميةً في أحضان الأقوياء كالعاهرات للحصول على بعض الدنانير. ‏

التفت حول الغرفة لأبحث عن بلادي المنسية. وجدتها جالسةً على الأرض في إحدى زوايا القبو، تأكل العظام المرمية على الأرض مع الجرذان التي تجوب حولها. كانت رائحتها النتنة تضحك جميع من حولها. ‏

اقتربت منها لأمسح عن جبينها قهر السنين وقذارة الدول، وإذ بإحدى البلاد الكبيرة تدفعني بعيداً عنها لتبدأ باغتصابها بكل فظاعةٍ أمام عينيّ. ‏

فجثوت على الأرض...وبكيت



كتابة: شادي ذبيان
أيلول 2011